من انا

mohmed hasan
بورسعيد, الاسماعيليه
ابحث عن الحقيقه فقط
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

القائمة البريدية

المتابعين

اختر لغتك المفضلة

المؤامره واليهود والماسونيه

مراحل المؤامرة

في عام 1784 وضعت مشيئة الله تحت حيازة الحكومة البافارية براهين قاطعة علي وجود المؤامرة الشيطانية المستمرة:
كان آدم وايزهاوبت Adam Weishaupt أستاذا يسيوعيا للقانون في جامعة انغولد شتات Ingoldstadt، ولكنه أرتد عن المسيحية ليعتنق المذهب الشيطاني.. في عام 1770 استأجره المرابون الذين قاموا بتنظيم مؤسسة روتشيلد، لمراجعة وإعادة تنظيم البروتوكولات القديمة علي أسس حديثة.. والهدف من هذه البروتوكولات هو التمهيد لكنيس الشيطان للسيطرة علي العالم، كما يفرض المذهب الشيطاني وأيديولوجيته علي ما يتبقى من الجنس البشريّ، بعد الكارثة الاجتماعية الشاملة التي يجري الإعداد لها بطرق شيطانية طاغية.
وقد أنهي وايزهاوبت مهمته في الأول من أيار (مايو) 1776.
ويستدعي هذا المخطط الذي رسمه وايزهاوبت تدمير جميع الحكومات والأديان الموجودة.. ويتم الوصول إلي هذا الهدف عن طريق تقسيم الشعوب ـ التي سماها الجوييم (لفظ بمعني القطعان البشرية، يطلقه اليهود علي البشر من الأديان الأخرى) ـ إلي معسكرات متنابذة تتصارع إلي الأبد، حول عدد من المشاكل التي تتولّد دونما توقف، اقتصادية وسياسية وعنصرية واجتماعية وغيرها.
ويقتضي المخطط تسليح هذه المعسكرات بعد خلقها، ثم يجري تدبير "حادث" في كل فترة، لتنقص هذه المعسكرات علي بعضها البعض، فتضعف نفسها محطمة الحكومات الوطنية والمؤسسات الدينية.
وفي عام 1776 نظم وايزهاوبت جماعة النورانيين لوضع المؤامرة موضع التنفيذ.. وكلمة النورانيين تعبير شيطاني يعني "حملة النور".
ولجأ وايزهاوبت إلي الكذب، مدعيا أن هدفه الوصول إلي حكومة عالمية واحدة، تتكون من ذوي القدرات الفكرية الكبرى ممن يتم البرهان علي تفوقهم العقليّ.. واستطاع بذلك أن يضمّ إليه ما يقارب الألفين من الأتباع، من بينهم أبرز المتفوقين في ميادين الفنون والآداب والعلوم والاقتصاد والصناعة.. وأسس عندئذ محفل الشرق الأكبر ليكون مركز القيادة السريّ لرجال المخطط الجديد.. وتقتضي خطة وايزهاوبت المنقّحة من أتباعه النورانيين اتّباع التعليمات الآتية لتنفيذ أهدافهم:
1. استعمال الرِشوة بالمال والجنس، للوصول إلي السيطرة علي الأشخاص الذين يشغلون المراكز الحساسة علي مختلف المستويات، في جميع الحكومات وفي مختلف مجالات النشاط الإنساني.. ويجب عندما يقع أحدهم شراك النورانيين، أن يستنزف بالعمل في سبيلهم، عن طريق الابتزاز السياسيّ، أو التهديد بالخراب المالي، أو يجعله ضحية لفضيحة عامه كبري، أو بالإيذاء الجسدي، أو حتى بالموت هو ومن يحبهم.
2. يجب علي النورانيين الذين يعملون كأساتذة في الجامعات والمعاهد العلمية، أن يولوا اهتمامهم إلي الطلاب المتفوقين عقليا والمنتمين إلي أسر محترمة، ليولّدوا فيهم الاتجاه نحو الأممية العالمية، كما يجري تدريبهم فيما بعد تدريبا خاصا علي أصول المذهب العالميّ، بتخصيص منح دراسية لهم.. ويلقّن هؤلاء الطلاب فكرة الأممية أو العالمية، حتى تلقي القبول منهم، ويرسخ في أذهانهم أن تكوين حكومة عالمية واحدة في العالم كله، هو الطريقة الوحيدة للخلاص من الحروب والكوارث المتوالية.. ويجب إقناعهم بأن الأشخاص ذوي المواهب والملكات العقلية الخاصة، لهم الحق في السيطرة علي من هم أقل كفاءة وذكاء منهم، لأن الجوييم يجهلون ما هو صالح لهم جسديا وعقليا وروحيا.. ويوجد في العالم اليوم ثلاث مدارس متخصصة بذلك.. تقع الأولي في بلده غوردنستون Gorodonstoun في سكوتلندا، والثانية في بلده سالم Salem في ألمانيا، والثالثة في بلدة أنا فريتا Anavryta في اليونان.. وقد درس الأمير فيليب زوج ملكه إنكلترا اليزابيث الثانية في غوردنستون، بتدبير من عمه اللورد لويس ماونتباتن Lord Louis Mountbatten، الذي أصبح بعد الحرب العالمية الثانية القائد الأعلى للبحرية البريطانية.
3. مهمة الشخصيات ذات النفوذ التي تسقط في شباك النورانيين والطلاب الذين تلقوا التدريب الخاص، هي أن يتم استخدامهم كعملاء خلف الستار، بعد إحلالهم في المراكز الحساسة لدي جميع الحكومات، بصفة خبراء أو اختصاصيين، بحيث يكون في إمكانهم تقديم النصح إلي كبار رجال الدولة، وتدريبهم لاعتناق سياسات تخدم في المدى البعيد المخططات السرية لمنظمة العالم الواحد، والتوصل إلي التدمير النهائي لجميع الأديان والحكومات.
4. السيطرة علي الصحافة وكل أجهزة الإعلام الأخرى، ومن ثم تعرض الأخبار والمعلومات علي الجوييم بشكل يدفعهم إلي الاعتقاد بأن تكوين حكومة أممية واحدة هو الطريق الوحيد لحل مشاكل العالم المختلفة.
***
ولما كانت فرنسا وإنكلترا أعظم قوتين في العالم في تلك الفترة، أصدر وايزهاوبت أوامره إلي جماعة النورانيين لكي يثيروا الحروب الاستعمارية لأجل إنهاك بريطانيا وإمبراطوريتها، وينظموا ثورة كبري لأجل إنهاك فرنسا.. وكان في مخططه أن تندلع هذه الأخيرة في عام 1789.
هذا وقد وضّع كاتب ألماني أسمه سفاك Zwack نسخة وايزهاوبت المنقحة عن المؤامرة القديمة، علي شكل كتاب جعل عنوانه "المخطوطات الأصلية الوحيدة" Einige Original Scripten.
وفي عام 1784 أرسلت نسخة من هذه الوثيقة إلي جماعة النورانيين، الذين أوفدهم وايزهاوبت إلي فرنسا لتدبير الثورة فيها.. ولكن صاعقة انقضت علي حامل الرسالة وهو يمر خلال راتسبون Ratisbon في طريقه من فرانكفورت إلي باريس، فألقته صريعا على الأرض، مما أدي إلي العثور علي الوثيقة التخريبية من قبل رجال الأمن لدي تفتيشهم جثته، وسلم هؤلاء الأوراق إلي السلطات المختصة في حكومة بافاريا.
وبعد أن درست الحكومة البافارية بعناية وثيقة المؤامرة، أصدرت أوامرها إلي قوات الأمن لاحتلال محفل الشرق الأكبر ومداهمه منازل عدد من شركاء وايزهاوبت من الشخصيات ذات النفوذ، بما فيها قصر البارون باسوس Bassus في سندرسدورف Sandersdorfv.
وأقنعت الوثائق الإضافية ـ التي وجدت إبان هذه المداهمات ـ الحكومة البافارية بأن الوثيقة هي نسخة أصلية عن مؤامرة رسمها الكنيس الشيطاني الذي يسيطر علي جماعة النورانيين.
وهكذا أغلقت حكومة بافاريا محفل الشرق الأكبر عام 1785، واعتبرت جماعة النورانيين خارجين على القانون.
وفي عام 1786 نشرت سلطات بافاريا تفاصيل المؤامرة، بعنوان "الكتابات الأصلية لنظام ومذاهب النورانيين".. وأرسلت نسخا منها إلي كبار رجال الدولة والكنيسة.. ولكن تغلغل النورانيين ونفوذهم كانا من القوة، بحيث تجوهل هذا النذير، كما تجوهلت قبله تحذيرات المسيح للعالم.
انتقل نشاط النورانيين منذ ذلك الوقت إلي الخفاء، وأصدر وايزهاوبت تعاليمه إلي أتباعه بالتسلل إلي صفوف ومحافل جمعية الماسونية الزرقاء، وتكوين جمعية سرية في قلب التنظيمات السرية.
ولم يسمح بدخول المذهب النورانيّ، إلا للماسونيين الذين برهنوا علي ميلهم للأممية، وأظهروا بسلوكهم بعدا عن الله.. وهكذا استخدم النورانيون قناع الإنسانية لتغطية نشاطهم التخريبي الهدام.. وعندما شرعوا في التمهيد للتسلل إلي المحافل الماسونية في بريطانيا، وجهوا الدعوة إلي جون روبنسون لزيارة الدول الأوروبية.. وكان روبلسون أحد كبار الماسونيين في سكوتلندا وأستاذا للفلسفة الطبيعية في جامعة أدنبره وأمين سر الجمعية الملكية فيها.. ولكن خدعتهم لم تنطلِ علي روبنسون، ولم يصدق أن الهدف الذي يريد العالميون الوصول إليه هو إنشاء دكتاتورية محبة وسماحة.. إلا أنه احتفظ بمشاعره لنفسه.. وعهد إليه النورانيون بنسخة منقحة من مخطط مؤامرة وايزهاوبت لدراستها والحفاظ عليها.
وفي عام 1789 تفجرت الثورة في فرنسا، بسبب رضوخ رجال الدولة والكنيسة فيها للنصح الذي وُجّه إليهم بتجاهل التحذيرات التي تلقوها.
ولكي ينبّه الحكومات الأخرى إلي خطر النورانيين، عمد روبنسون إلي نشر كتاب سنه 1798، أسماه "البرهان علي وجود مؤامرة لتدمير كافة الحكومات والأديان".. ولكن هذا التحذير تُجوهل أيضا كما تجوهلت التحذيرات التي سبقته!
كان توماس جيفرسون قد أصبح تلميذا لوايزهاوبت، كما كان من أشد المدافعين عنه حينما أعلنته حكومة بلاده خارجا علي القانون.. وعن طريق جيفرسون تم تغلغل النورانيين في المحافل الماسونية حديثة التشكيل آنئذ في "إنجلترا الجديدة" New England.
ومع علمي أن هذه المعلومات ستهز الكثير من الأمريكيين إلا أنني أرغب في تسجيل الحقائق التالية:
في عام 1789 حذر جون روبنسون الزعماء الماسونيين من تغلغل جماعة النورانيين في محافلهم.
وفي التاسع عشر من تموز 1798 أدلي دافيد باين رئيس جامعة هارفارد بنفس التحذير إلي المتخرجين، وأوضح لهم النفوذ المتزايد للنورانيين في الأوساط السياسية والدينية في الولايات المتحدة الأميركية.
كان جون كوينسي آدا مز John Quincy Adams قد نظم المحافل الماسونية في أميركا.. وقرر عام 1800 ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية ضد جيفرسون، فكتب ثلاث رسائل إلي الكولونيل وليم ستون، شارحا كيف استخدم جيفرسون المحافل الماسونية لأهداف تخريبية.. ومما يؤكد صحة مضمون هذه الرسائل، نجاح جون كوينسي أدامز في انتخابات الرئاسة.. ولا تزال هذه الرسائل محفوظة في مكتبه ريتنبورغ سكوير Ritenburg في مدينة فيلادلفيا.
وفي عام 1826 رأي الكابتن وليام مورغان أن واجبه يقتضي منه إعلام بقية الماسونيين والرأي العام بالحقيقة فيما يتعلق بالنورانيين ومخططاتهم السرية وهدفهم النهائي.. وكلف النورانيون واحدا منهم ـ هو الإنجليزي ريتشارد هوارد ـ بتنفيذ حكمهم الذي أصدروه علي مورغان بالموت كخائن.. وحذر الكابتن مورغان من الخطر، فحاول الهرب إلي كندا، ولكن هوارد تمكن من اللحاق به بالقرب من الحدود، حيث اغتاله علي مقربة من وادي نياغارا.. وعثر التحقيق علي شخص من نيويورك اسمه آفيري ألين Avery Allen أقسم يمينا أنه سمع هوارد وهو يقدم تقريرا في اجتماع لجمعية سرية في نيويورك اسمها "فرسان المعبد" Knights Templars، حيث شرح في هذا التقرير كيف نقد حكم الإعدام بالكابتن مورغان.. وأفاد كيف اتخذت الترتيبات لنقل القاتل بعيدا إلي إنجلترا.
لا يعلم سوي القليلين اليوم، أن هذا الحادث أدي آنئذ إلي استياء وغضب ما يقرب من 40% من الماسونيين في شمالي الولايات المتحدة وهجرهم للماسونية.. ولدي نسخ عن تفاصيل محاضر اجتماع ماسوني كبير عقد آنئذ لمناقشة هذه الحادثة.. ونستطيع تصوّر مقدار نفوذ القائمين علي المؤامرة الشيطانية، إذا تذكرت بأنهم استطاعوا حذف حوادث بارزة كهذه من مناهج التاريخ التي تدرس في المدارس الأمريكية!!
وفي عام 1829 عقد النورانيون مؤتمرا لهم في نيويورك، تكلم فيه نورانيّ إنجليزي اسمه رايت Wright، وأعلم فيه المجتمعين أن جماعتهم قرّرت ضم جماعات العدنيين Nihilist والإلحاديين Atheist وغيرهم من الحركات التخريبية الأخرى، في منظمة عالمية واحدة تعرف بالشيوعية.. وكان الهدف من هذه القوة التخريبية التمهيد لجماعة النورانيين لإثارة الحروب والثورات في المستقبل.. وقد عين كيلينتون روزفلت Clinton Roosevelt ـ الجد المباشر لفرانكلين روزفلت ـ و(هوارس غريلي) و(تشارلز دانا) لجمع المال لتمويل المشروع الجديد.. وقد مولت هذه الأرصدة (كارل ماركس) و(إنجليز) عندما كتبا "رأس المال" و "البيان الشيوعي" في حي سوهوفي العاصمة الإنجليزية لندن.
وفي عام 1830 مات وايزهاوبت بعد أن ادّعي أن النورانية ستموت بموته، ولكي يخدع مستشاريه الروحانيين، تظاهر بأنه تاب وعاد إلي أحضان الكنيسة.
وهكذا ففي الوقت الذي كان فيه كارل ماركس يكتب "البيان الشيوعي" تحت إشراف جماعة من النوارنيين، كان البروفيسور (كارل ريتر) من جامعة فرانكفورت يعد النظرية المعادية للشيوعية، تحت إشراف جماعة أخري من النورانيين، بحيث يكون بمقدور رؤوس المؤامرة العالمية استخدام النظريتين في التفريق بين الأمم والشعوب، بصورة ينقسم فيها الجنس البشري إلي معسكرين متناحرين، ثم يتم تسليح كل منها ودفعهما للقتال وتدمير بعضهما والمؤسسات الدينية والسياسية لكل منهما.
وقد أكمل العمل الذي شرع به ريتر، ذلك الألماني الذي وصف بالفيلسوف (فردريك وليام) الذي أسس المذهب المعروف باسمه "النيتشييزم".
وكان هذا المذهب هو الأساس الذي تفرع عنه فيما بعد المذهب النازي.. وهذه المذاهب هي التي مكنت عملاء النورانيين من إثارة الحربين العالميتين الأولي والثانية.
وفي عالم 1834 اختار النورانيون الزعيم الثوري الإيطالي جيوسيبي مازيني Guiseppi Mazzini ليكون مدير برنامجهم لإثارة الاضطرابات في العالم.. وقد ظل هذا المنصب في يدي مازيني حتى مات عام 1872.
في عام 1840 جيء إليه بالجنرال الأميركي بابك Albert Pike، الذي لم يلبث أن وقع تحت تأثير مازيني ونفوذه.. وكان الجنرال بابك شديد النقمة آنئذ، لأن الرئيس جيفرسون دافيس سرح القوات الهندية الملحقة بالجيش، والتي كانت تحت قيادته، بسبب ارتكابهم فظائع وحشية تحت قناع الأعمال الحربية العادية.. وتقبل الجنرال بابك فكرة الحكومة العالمية الواحدة، حتى أصبح فيما بعد رئيس النظام الكهنوتي للمؤامرة الشيطانية.. وفي الفترة بين عامي 1859 و1871 عمل في وضع مخطط عسكريّ لحروب عالمية وثلاث ثورات كبري، اعتبر أنها جميعها سوف تؤدي خلال القرن العشرين إلي وصول المؤامرة إلي مرحلتها النهائية.
قام الجنرال بابك بمعظم عمله في قصره في بلدة ليتل روك في ولاية أر كاس عام 1840.. وعندما أصبح النورانيون ومعهم محافل الشرق الأكبر موضعا للشبهات والشكوك، بسبب النشاط الثوري الواسع الذي قام به مازيني في كل أرجاء أوربا، أخذ الجنرال بابك علي عاتقة مهمة تجديد وإعادة تنظيم الماسونية، حسب أسس مذهبية جديدة، وأسس ثلاثة مجالس عليا أسماها "البالادية"، الأول في تشارلستون في ولاية كارولينا الجنوبية في الولايات المتحدة، والثاني في روما بإيطاليا، والثالث في برلين بألمانيا.. وعهد إلي مازيني بتأسيس ثلاثة وعشرين مجلسا ثانويا تابعا لها، موزعة علي المراكز الاستراتيجية في العالم.. وأصبحت تلك المجالس منذئذ وحتى الآن مراكز القيادة العامة السرية للحركة الثورية العالمية.. وقبل إعلان ماركوني اختراعه اللاسلكي (الراديو) بزمن طويل، كان علماء النورانيين قد تمكنوا من إجراء الاتصالات السرية بين بابك ورؤساء المجالس المذكورة.. وكان اكتشاف هذا السر هو الذي جعل ضباط المخابرات يدركون كيف أن أحداثا غير ذات صلة ظاهرية مع بعضها تقع في أمكنة مختلفة من العالم وفي وقت واحد، فتخلق ظروفا وملابسات خطيرة، فلا تلبث أن تتطور حتى تنقلب إلي حرب أو إلي ثورة.
كان مخطط الجنرال بابك بسيطا بقدر ما كان فعالا.. كان يقتضي أن تنظم الحركات العالمية الثلاث: الشيوعية والنازية والصهيونية السياسية، وغيرها من الحركات العالمية، ثم تستعمل لإثارة الحروب العالمية الثلاث والثورات الثلاث.. وكان الهدف من الحرب العالمية الأولي هو إتاحة المجال للنورانيين للإطاحة بحكم القياصرة في روسيا، وجعل تلك المنطقة معقل الحركة الشيوعية الإلحادية. وتم التمهيد لهذه الحرب باستغلال الخلافات بين الإمبراطوريتين البريطانية والألمانية، التي ولّدها بالأصل عملاء النورانيين في هاتين الدولتين.. وجاء بعد انتهاء الحرب بناء الشيوعية كمذهب واستخدامها لتدمير الحكومات الأخرى وإضعاف الأديان.
أما الحرب العالمية الثانية فقد مهدت لها الخلافات بين الفاشستيين والحركة الصهيونية السياسية.. وكان المخطط المرسوم لهذه الحرب أن تنتهي بتدمير النازية وازدياد سلطان الصهيونية السياسية، حتى تتمكن أخيرا من إقامة دولة إسرائيل في فلسطين.. كما كان من الأهداف تدعيم الشيوعية حتى تصل بقوتها إلي مرحلة تعادل فيها مجموع قوي العالم المسيحي، ثمّ إيقافها عند هذا الحد، حتى يبدأ العمل في تنفيذ المرحلة التالية، وهي التمهيد للكارثة الإنسانية النهائية.
أما الحرب العالمية الثالثة، فقد قضي مخططها أن تنشب نتيجة للنزاع الذي يثيره النورانيون بين الصهيونية السياسية وبين قادة العالم الإسلامي، وبأن توجّه هذه الحرب وتدار بحيث يقوم الإسلام والصهيونية بتدمير بعضهما البعض، وفي الوقت ذاته تقوم الشعوب الأخرى بقتال بعضها البعض، حتى تصل إلي حالة من الإعياء المطلق الجسماني والعقلي والروحي والاقتصادي.
وفي 10 آب (أغسطس)1871، أخير الجنرال (بابك) (مازيني) أن الذين يطمحون للوصول إلي السيطرة المطلقة علي العالم سيسبّبون يعد نهاية الحرب العالمية الثالثة أعظم فاجعة اجتماعية عرفها العالم في تاريخه.. وسوف نورد فيما يلي كالماته المكتوبة ذاتها (مأخوذة من الرسالة التي يحتفظ بها المتحف البريطاني في لندن بإنكلترا):
"سوف نطلق العِنان للحركات الإلحادية والحركات العدمية الهدامة، وسوف نعمل لإحداث كارثة إنسانية عامة تبين بشاعتها اللا متناهية لكل الأمم نتائج الإلحاد المطلق، وسيرون فيه منبع الوحشية ومصدر الهزة الدموية الكبرى.. وعندئذ سيجد مواطنو جميع الأمم أنفسهم مجبرين علي الدفاع عن أنفسهم حيال تلك الأقلية من دعاة الثورة العالمية، فيهبون للقضاء علي أفرادها محطمي الحضارات.. وستجد الجماهير المسيحية آنئذ أن فكرتها اللاهوتية قد أصبحت تائهة غير ذات معنى، وستكون هذه الجماهير متعطشة إلي مثال تتوجه إلية بالعبادة.. وعندئذ بأتيها النور الحقيقي من عقيدة الشيطان الصافية، التي ستصبح ظاهرة عالمية، والتي ستأتي نتيجة لرد الفعل العام لدي الجماهير بعد تدمير المسيحية والإلحاد معا وفي وقت واحد"!
ولما مات مازيني في عام 1872، عين بابك زعيما ثوريا إيطاليا آخر أسمه (أدريانو ليمي) خليفة له.. وعندما مات ليمي بعد ذلك خلفه لينين وتروتسكي، وكانت النشاطات الثورية لكل هؤلاء تموّل من قبل أصحاب البنوك العالمية في بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة.. وعلي القارئ، هنا، أن يتذكر أن أصحاب البنوك العالمية هم اليوم ـ كما كان صرافو النقود والمرابون في أيام المسيح ـ عملاء للنورانيين أو أدوات بيدهم.
ولقد أدخل في روح الجماهير أن الشيوعية حركة عمالية قامت للدفاع عن حقوق العمال ولتدمير الرأسمالية.. ويُظهر هذا الكتاب "أحجار علي رقعة الشطرنج" وكتاب "ضباب أحمر يعلو أمريكا"، أن ضباط الاستخبارات في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا قد حصلوا علي وثائق وبراهين صحيحة، تثبت أن الرأسماليين العالميين هم الذين موّلوا بواسطة مصارفهم الدولية، كل الأطراف في كل الحروب والثورات منذ 1776.
إن أتباع الكنيس الشيطاني هم الذين يوجّهون في عصرنا الحاضر حكوماتنا ويجيرونها علي الاشتراك في الحروب والثورات، ماضين قدما في تحقيق مخططات الجنرال بابك، التي ترمي إلى الوصول بالعالم المسيحي بأسره إلي خوض حرب شاملة علي مستوي الأمة وعلي مستوي العالم كله.
وهناك العديد من الوثائق التي تبرهن بصورة قاطعة أن بابيك كان بدوره الرئيس الروحي للنظام الكهنوتي الشيطاني، مثل وايزهاوبت في عصره.. وبالإضافة إلى الرسالة التي كتبها لما زيني عام 1871، فقد وقعت رسالة أخري بأيد غريبة، وكان قد كتبها بتاريخ 14 تموز 1889 إلي رؤساء المجالس العليا التي شكلها سابقا.. وقد كتبت هذه الرسالة لتشرح أصول العقيدة الشيطانية فيما يتعلق بعبادة إبليس والشيطان.. وجاء ضمن ما قاله في هذه الرسالة:
"يجب أن نقول للجماهير إننا نؤمن بالله ونعبده، ولكن الإله الذي نعبده لا تفصلنا عنه الأوهام والخرافات.. ويجب علينا نحن الذين وصلنا إلي مراقب الإطلاع العليا أن تحتفظ بنقاء العقيدة الشيطانية.. نعم إن الشيطان هو الإله.. ولكن للأسف، فإن أدوناي (وهذا هو الاسم الذي يطلقه الشيطانيون علي الإله الذي نعبده) هو كذلك إله.. فالمطلق لا يمكن إلا أن يوجد كإلهين!!! 
وهكذا فإن الاعتقاد بوجود إبليس وحده هو كفر وهرطقة.. وأما الديانة الحقيقية والفلسفة الصافية فهي الإيمان بالشيطان كإله مساو لأدوناي.. و لكن الشيطان، وهو إله النور وإله الخير، يكافح من أجل الإنسانية ضد أدوناي إله الظلام والشر"!!!
ولا تذكر الكتابات المقدسة الشيطان إلا في مواضع قليلة "أشعيا 14، لوقا: 10".. ولكن العقيدة الشيطانية تنص بشكل قاطع علي أن الشيطان هو الذي قاد الثورة في السماء، وأن إبليس هو الابن الأكبر لأدوناي، وهو شقيق ميخائيل الذي هزم المؤامرة الشيطانية في السماء.. وتقول التعاليم الشيطانية إن ميخائيل قد نزل إلي الأرض بشخص يسوع لكي يكرر علي الأرض ما فعله في السماء، ولكنه فشل.. وبما أن الشيطان هو أبو الكذب فيظهر جليا أن قوي الظلام الروحية تلك تخدع أكبر عدد ممكن من هؤلاء الذين يدعون بالمثقفين لفعل ما يريدون، تماما كما فعلوا في السماء.
إن الدعاية التي بثها بين الجماهير موجهو المؤامرات الشيطانية، جعلت الرأي العام يعتقد أن خصوم المسيحية هم جميعا من الملحدين.. ولكن الحقيقة هي أن هذا كذب موجّه مقصود، والهدف منه تمويه المخططات السرية لكهّان المذهب الشيطانيّ، الذين يشرفون علي الكنيس الشيطانيّ ويوجهونه، بصورة يتمكّنون معها من منع الإنسانية من تطبيق دستور العدالة الإلهية في الأرض.. وهؤلاء الكهان يعملون في الظلام ويبقون دائما خلف الستار، يحافظون علي سرية شخصياتهم وأهدافهم حتى عن الأغلبية العظمي من أتباعهم المخدوعين.. ولقد أنبأتنا الكتابات المقدسة بأن مخططات مثل مخططات وايزهاوبت وبابك سوف توضع وتنفذ فعلا حتى يأتي اليوم الذي تستطيع فيه قوي الشر الروحية أن تسيطر علي الأرض.
وتخبرنا إحدى الآيات أنه بعد أن تمر الأحداث التي تكلمنا عنها، فإن الشيطان سيكون مقيدا لمدة ألف عام (((يتضح من هنا أنّ الكلام عن المسيخ الدجال، وليس عن إبليس.. وهذا اقرب للمنطق))).. وأنا لا أدعي معرفة ما تفيد هذه الآية بتحديدها هذه الفترة الزمنية أو مقدار هذه الفترة بمقاييسنا الإنسانية، ولكن ما يهمّني الآن هو أن دراسة المؤامرة الشيطانية علي ضوء ما ذكرته الكتابات المقدسة، أقنعتني أنه من الممكن أن يتم تقييد الشيطان واحتواء القوي الشيطانية بسرعة أكبر، إذا ما نشرت الحقيقة الكاملة فيما يختص بوجود المؤامرة الشيطانية المستمرة لكل الناس في كل الأمم المتبقية وبأكبر سرعة ممكنة.
بعيدا عن الجدل، يجب على أي مسيحي أن يعلم أن هناك قوتين خارقتين اثنتين، الأولي هي الله "وقد ذكرت له التوراة عدة أسماء"، والثانية هي الشيطان الذي له أيضا أسماء عدة.. والمهم الذي يجب أن نذكره، هو أنه حسب ما تقول رسالات الوحي، فان هناك يوم حساب نهائي.
وسيكسر إبليس القيد الذي قيده ألف عام وسيعود من جديد ليخلق الفوضى علي هذه الأرض.. وسيتدخل الله بعد ذلك إلي جانب النخبة وسيفصل بين الخراف والماعز".. ونحن نعلم أن الذين سيحيدون عن جانب الله سيحكمهم الشيطان أو إبليس بالفوضى والاضطراب الأبدي، حتى إنهم سيكرهون حاكمهم ويكرهون بعضهم البعض، لأنهم سيعلمون أنهم قد خدعوا لإبعادهم عن الله، وأنهم قد فقدوا محبته وصداقته إلي الأبد.
وفي عام 1952 نشر نيافة الكاردينال كارو دودريغز، أسقف مدينة سانتياغو عاصمة تشيلي، كتابا أسمه "نزع النقاب عن سر الماسونية"، شرح فيه كيف خلق النورانيون وأتباع الشيطان وإبليس جمعية سرية في قلب جمعية سرية أخري.. وأبرز في كتابة عددا كبيرا من الوثائق القاطعة التي تبرهن أنه حتى رؤساء الماسونية أنفسهم، أي الماسونيون من الدرجات 32، 33، يجهلون ما يدور في محافل الشرق الأكبر وفي المحافل المجددة التي أوجدها بابك، أي محافل الطقوس البالادية والمحافل الخاصة التابعة لها، التي يجري فيها تدريب النساء اللواتي سيصرن عضوات في المؤامرة العالمية وتلقينهن الأسرار.. واستشهد الكاردينال بالصفحة 108 من كتابة بالمرجع الثقة "مارجيوتا" ليبرهن أن ليمي Lemmi قبل أن يختار بابك لخلافة ما زيني كموجة للحركة الثورية العالمية، كان من أتباع إبليس الملتزمين والمتعصبين.
***
ويتطلب مخطط وايزهاوبت ما يلي:
1. إلغاء كل الحكومات الوطنية.
2. إلغاء مبدأ الإرث.
3. إلغاء الملكية الخاصة.
4. إلغاء الشعور الوطني.
5. إلغاء المسكن العائلي الفردي، والحياة العائلية، وإلغاء فكرة كون الحياة العائلية الخلية التي تبني حولها الحضارات.
6. إلغاء كل الأديان الموجودة، تمهيدا لمحاولة إحلال العقيدة الشيطانية ذات الطابع المطلق في الحكم وفرضها علي البشرية.
***
مركز قيادة المؤامرة:
كان مركز قيادة المؤامرة حتى أواخر القرن الثامن عشر في مدينة فرانكفورت بألمانيا، حيث تأسست أسرة روتشيلد واستقرت وضمت تحت سلطانها عددا من كبار الماليين العالميين الذين "باعوا ضمائرهم إلى الشيطان".. ثم نقل كهان النظام الشيطاني مركز قيادتهم إلي سويسرا، بعد أن فضحتهم حكومة بافاربا عام 1786، ولبثوا هناك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث انتقلوا إلي نيويورك وأصبح مركز قيادتهم في مبني هلرولد يرات.. وفي نيويورك حل آل روكفلر محل آل روتشيلد فيما يختص بعمليات التمويل.
***
والآن سأختم هذا المدخل بمقتطفات أقتبسها من محاضرة ألقاها أحد رؤساء المجالس الماسونية البالادية على أعضاء محفل الشرق الأكبر في باريس بفرنسا في بداية هذا القرن:
"تم إنزال نسبة تطبيق قوانين "الجوييم" إلي أدني مستوي، وتم نسف هيبة القانون بواسطة التأويلات المتحررة التي أدخلناها في هذا المجال.. وسيحكم القضاة في المسائل الرئيسية المهمة حسب ما نملي عليهم: أي يحكمون علي ضوء القواعد التي نضعها لهم ليحكموا الجوييم بموجبها، ويتم ذلك بالطبع عن طريق أشخاص هم دمي بين أيدينا بالرغم من عدم وجود أية رابطة ظاهرية بيننا وبينهم.. وهناك حتى شيوخ وأعضاء في الإدارة يقبلون بمشورتنا".
هل يستطيع أي شخص عاقل أن ينكر أنه قد تم تطبيق المراحل المتوالية للمؤامرة كما صاغها وايزهاوبت في نهاية القرن الثامن عشر، وكما رسم الجنرال بابك مخططاتها في نهاية القرن التاسع عشر؟
لقد تحطمت الإمبراطوريتان الروسية والألمانية، وتحولت الإمبراطوريتان البريطانية والفرنسية إلي قوي من الدرجة الثانية والثالثة، وتساقطت الرؤوس المتوجة (الملوك) كالثمار الناضجة.. وقد تم تقسيم العالم مرتين إلي معسكرين متنازعين، نتيجة للدعايات التي بثها النورانيون.. واشتعلت نيران حربين عالميتين سفك فيها العالم المسيحي الغربي دماء بعضه بعشرات الملايين، دون أن يكون لدي أي واحد من المشتركين في هذه المجازر أي سبب شخصيّ ضد أي من الآخرين!!.. وقد أصبحت الثورة الروسية والثورة الصينية أمرا واقعا، وتمت تنمية الشيوعية وتقويتها حتى أصبحت معادلة في القوة لمجموع العالم المسيحي الغربي.. أما في الشرقيين الأدنى والأقصى فالمؤامرة ماضية في التمهيد للحرب العالمية الثالثة!!
ويجب الآن وفي هذا الوقت بالذات إيقاف هذا المخطط، عن طريق إعلام الرأي العام العالمي بأن الكارثة الاجتماعية النهائية قادمة لا محالة، وسوف يتلوها الاستبعاد المطلق الجسدي والعقلي والروحي للإنسانية.
إن اتحاد الجمهور المسيحي Federation of Christ Layman الذي لي شرف رئاسته، قد وضع في متناول الجميع كل المعلومات التي استطاع الحصول عليها، لإلقاء الضوء علي الأوجه المختلفة للمؤامرة.. وقد نشرنا هذه المعلومات في كتابين هما "أحجار علي رقعة الشطرنج" و "ضباب أحمر يعلو أميركا"، بالإضافة إلي منشورات أخري.. ونحن إذ نتنبأ بالأحداث التي تلي نبني علي معرفتنا بالمؤامرة المستمرة، وقد تحققت هذه الأحداث إلي حد أنها أثارت اهتمام المفكرين في جميع أقطار العالم.

توقيع: وليام غاي كار
كليرواتر – فلوريدا
في 13 تشرين الأول "أكتوبر" 1958

المؤامرة لم تتوقّف لحظة:
من الجليّ أنّ معظم المخططات المذكورة أعلاه قد حدث في نصف القرن الماضي!
وحتّى الآن ما زلنا نرى مراحل المؤامرة تترى، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وما تلاها من غزو أفغانستان والعراق!
ولنرَ بعض الأصابع الخفية في غزو العراق:
كتب (عبد العزيز آل محمود) رئيس تحرير (الجزيرة نت):
"هاجمت وسائل الإعلام المستقلة كلا من إدارة الرئيس (بوش) ورئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) بسبب الكذب الذي استخدم لتبرير الحرب على العراق، وخصوصا الادعاءات بخصوص امتلاك بغداد لأسلحة الدمار الشامل التي قيل إن الرئيس العراقي السابق يستطيع أن ينشرها خلال خمسة وأربعين دقيقة من إصدار أوامره، ولم تجد قوات الاحتلال أيا من تلك الأسلحة المزعومة أو حتى وسائل إنتاجها!
لقد خرجت تلك الأكاذيب من خلية أنشأها اليهود في وسط الإدارة الاميركية، أسموها مكتب المخططات الخاصة، هذا المكتب يديره (إبرام شالسكي) بعدد لا يتعدى العشرين شخصا من اليهود الصهاينة، الذين يجمعون كل المعلومات ثم يحللونها، ويضيفون عليها ما يريدون من معلومات أو يشوهونها، ثم توضع على مكاتب صناع القرار في البيت الأبيض والبنتاجون ووزارة الخارجية وإدارة الأمن القوميّ.. وما قضية شراء العراق لليورانيوم من أفريقيا التي رددها بوش ووزير دفاعه رامسفيلد ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والتي بسببها استقال رئيس المخابرات الاميركية، سوى لعبة من ألاعيب ذلك المكتب.
نشرت صحيفة the nation الأمريكية مقالا للكاتب روبرت درايفوس، ذكر فيه أن رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون قد انشأ مكتبا موازيا لمكتب المخططات الخاصة الأمريكي، وعلى اتصال مباشر به.. وقد نقل الكاتب عن سفير أمريكي سابق على صلة وثيقة بالمخابرات الاميركية، قوله إن هناك معلومات تصل عن طريق المعارضة العراقية في الخارج، من ضمنها المجلس الوطني العراقي الذي يرأسه احمد جلبي، الذي أكد للأمريكيين إن الشعب العراقي سيرحب بهم ترحيب المحررين وبأيد مفتوحة!!.. وبسبب اقتناع وزير الدفاع الأمريكي بما قاله الجلبي، خالف قادته العسكريين الذين كانوا يشكّون فيما يقوله ذلك المعارض، ولهذا السبب طلب القادة العسكريين المزيد من القوات لحفظ الأمن في المدن العراقية، لان أعداد العسكريون الأمريكيين لم تكن كافية!
ومن ضمن المعلومات المغلوطة التي تصل إلى مكتب المخططات الخاصة، تلك التي يرسلها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون، الذي كان يدبلج تقارير مكتوبة باللغة الإنكليزية إلى شالسكي مباشرة.. وإحدى تلك الرسائل كانت تتهم العراق بمحاولة الحصول على اليورانيوم من النيجر.
بدأت أعين بعض المراقبين الغربيين تتفتح على معرفة كمية الكذب التي كانت تصل إلى رؤسائهم.. هذا الكذب الذي يصل مباشرة من إسرائيل أو يحرّف من قبل جماعة شالسكي.. وحتى المناصرين للمشروع الصهيوني بدأوا يتخوفون من سيطرة اليهود على مفاصل صناعة القرار في بيوت الحكم الاميركية والأوروبية.. وقد يكون هناك  من بدأ يكتب منتقدا تصرف اليهود وسوء أخلاقهم، كما فعل الرئيس الأمريكي الأسبق ترومان الذي دعمهم بكل ما يملك، ثم أساؤوا معاملته بطريقة فجة وقحة.. وقد يكتشف بوش وبلير أنهما كانا أحجارا على رقعة شطرنج يحركهما يهودي لا يتمنى لهما ولا لشعبيهما ولا للعالم الخير!








حركة الثورة العالمية

يجب علينا أن ندرس التاريخ، لأن التاريخ فعلا يكرر نفسه، وذلك لأنّ هدف الصراع المستمر هو نفسه منذ أزمنة سحيقة.. الصراع الدائم القديم بين قوي الخير وقوي الشر، لتقدير ما إذا كانت إرادة الله العلي القدير هي التي ستسيطر، أم أن العالم سوف يعمّه الشر والفساد.
والواقع هو أن كلا من قوي الخير وقوي الشر، قد انقسمت بدورها إلى أحزاب متعددة، تتصارع فيما بينها في محاولتها الوصول إلي الهدف المشترك.. وهذه الخلافات في الرأي كانت نتاجا لوسائل الإعلام، التي كانت تستعمل لنشر الأكاذيب أو الحقائق الناقصة علي الجماهير، بدلا من أن تستغل لنقل الحقيقة الكاملة إليها فيما يتعلق بأية حادثة أو موضوع.
وقد استخدم تجار الحروب وسائل الإعلام، لتقسيم الإنسانية إلي المعسكرات متناحرة لأسباب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو دينية، بحيث كان بإمكانهم دوما استثارة كل منها حتى يصلوا بهما إلي درجة الهيجان التي ينقص فيها بعضهم علي البعض الآخر ويُدمروا جميعا!
***
تثبت الدراسة المقارنة للأديان في الماضي انه وجد حتى عند أفراد القبائل المنعزلة حسا دينيا يدفعهم إلي المناقشة والتفكير في أسئلة مثل: لماذا ولدنا؟.. وما هو الهدف من حياتنا؟.. وما هي الغايات التي نخدمها و نسعى إليها؟.. وأين سنذهب بعد الموت؟.. حتى أكثر القبائل تأخرا في أفريقيا الوسطي وفي أستراليا، يبدو أنه لم يكن لديها شك حول وجود إله وعالم روحي وحياة أخري تذهب إليها النفوس بعد موت الأجساد الفانية.
كما تدلنا الدراسة المقارنة للأديان أن معظم الديانات التي تتناول تعاليمها الإيمان بإله علويّ، تنطلق من مبدأ نظامي سامٍ، يحثّ علي عبادة الله العليّ القدير، واحترام الوالدين والمسنين، ومحبة الجيران والمحسنين، والصلاة علي الموتى من الأقارب والأصدقاء.. ثم جاء الأشرار بأطماعهم وشهواتهم وشرورهم للتسلط بالقوة علي الآخرين، فهبطوا بالأديان من مستوياتها السامية المبدئية إلي المستوي الذي نراها فيه اليوم.. ولقد انحطت بعض الديانات لدرجة أن كهانها كانوا يقدمون القرابين البشرية للتقرب من الله!!.. وحتى المسيحية التي هي من أحدث الديانات، فقد هبطت وانحطت وانقسمت إلي عدد كبير من الشيع والمذاهب، حتى بات من العسير تصور تلك الأكثرية الساحقة من الذين يعلنون انتماءهم للمسيحية كجنود للمسيح!!
 وبصورة عامة، فان المسيحية قد انحدرت فيما يختص بأعمال الخير والصلاح.. في الماضي وجدت الألفة والمحبة وخلقت الوحدة والتماسك في الحظيرة المسيحية.. فالتعريف الحقيقي "للجار" هو أنه ذلك الشخص الذي برهن عن محبة وإحسان تجاهك، ويمكنك الاعتماد عليه.. وتحثنا الكتب المقدسة علي حب جيراننا كأنفسنا.. والوسيلة الوحيدة لصنع الجيران الطيبين هي في أن تقوم الأعمال الطبية من دون شعور بالأنانية، ففقدان أعمال الخير الفردية معناه فقدان روح الوحدة وروح التلاحم الجماعي السليم.
ولقد تبنينا في هذه الأيام طريقة باردة للقيام بالأعمال الصالحة، فنحن نترك القيام بالأعمال الخيّرة للموظفين القائمين علي مصالح المجتمع.. وهذا أشاع التعبير الذي يقول "بارد كالإحسان المهني"!!.. ومن الأفضل أن نتذكر أنه حق تشريعات الضمان الاجتماعي التي تقوم بها الحكومة لا تعفي الفرد من القيام بحقوق الجوار.. فالصلاة بدون العمل الصالح لا تجدي نفعا، وتقوم قوة المذهب الإلحادي علي ضعف الإيمان وتفكيكه.
ولسبب أو لآخر فإن المذاهب المسيحية تفقد سيطرتها بسرعة علي عنصر الشباب في البلدان المدعوة بالعالم الحر.. وكل شاب تفقده المسيحية يتحول عادة إلي العلمانية، وسرعان ما يصبح "رفيقا" في أحد المذاهب الإلحادية، الشيوعية أو النازية.
والغالبية العظمي ممن يعتنقون المسيحية ليسوا في الحقيقة "جنودا للمسيح"، بينما نجد أن علي كل منتسب إلي أحد الحزبين الشيوعي أو النازي أن يقسم يمين الولاء المطلق لقادته، وأن يخصص كل ساعة من ساعات يقظته للسير قدما بالقضية، وأن يساهم بعشر دخله لتمويل نشاطات الحزب.
***
وإذا استثنينا الملحدين وأتباع دارون، فإن معظم الناس يتقبّلون ما يسمي بقصة الخليفة. ولكن يبدو أن هناك اختلافات شاسعة في الآراء فيما يتعلق بقصة آدم وحواء وجنة عدن.
و ما يهم هنا، هو أن كل المخلوقات البشرية قد مُنحت قدرا من حرية الإرادة، يُمكّنها من تقرير ما إذا كانت تؤمن بوجود إله وشيطان، أم أنها تعتنق العقيدة الإلحادية المادية.. فمن آمن بوجود إله وشيطان فعليه أن يقرر لمن يتوجه بالخدمة والعبادة.. أما الملحد فيعتنق نظرية الحكم المطلق، ويتوجه بالولاء للحزب وللدولة.. أما عقوبة الانحراف فهي المعاناة والسجن وغالبا ما تكون الموت.
ونحن نري الملحدين ينفون نفيا قاطعا وجود القوي الغيبية، ويحتجون بأن الله نفسه لم يثبت وجوده حتى الآن.. وهناك العديد من فرق الملحدين: هناك الشيوعيون الحقيقيون، وهناك ماسونيو محفل الشرق الأكبر، وهناك المفكرون الأحرار، وهناك أعضاء الرابطة اللا ربانية، وهنك النورانيون والعدميون والفوضويون والنازيون الحقيقيون والمافيا.. وهناك غير المؤمنين الذين يخجلون من ممارسة النشاطات الإلحادية في المجموعات النازية والشيوعية، ولكنهم يتجهون إلي الانتماءات العلمانية متعددة الأشكال.
ويقيم معظم الإلحاديين معتقداتهم علي المبدأ القائل بأن هناك حقيقة واحدة وهي المادة، وأن القوي العمياء لهذه المادة "ويسمونها أحيانا بالطاقة" قد تطورت حتى ظهرت علي شكل النبات فالحيوان فالإنسان.. وهم يُنكرون إطلاقا وجود الروح وإمكانية وجود حياة أخري بعد الموت.

الشيوعية والنازية:
تم تأسيس الشيوعية الحديثة عام 1773، من قبل مجموعة من سادة المال العالميين (بارونات المال)، واستعملوها منذئذ لإقامة دولة إلحادية العقيدة تقوم علي الدكتاتورية الشاملة.. وقد بيّن لينين ذلك بوضوح في كتابة "شيوعية الجناح اليساري"، إذ يقول في الصفحة 53 منه:
"إن نظريتنا ليست مذهبا عقائديا، بل هي أداه للعمل".
وكان كارل ماركس (1818 – 1883) ألمانيا من أصل يهودي.. وقد طرد من ألمانيا ثم فرنسا بسبب نشاطاته الثورية، فمنحته إنكلترا حتى اللجوء إليها.. وفي عام 1848 نشر ماركس "البيان الشيوعي".. وقد اعترف أن مخطط تحويل العالم إلي اتحاد جمهوريات اشتراكية سوفيتية قد يستغرق قرونا عديدة.
أما كارل ريتر (1779 – 1859) وهو ألماني أيضا، فقد كان أستاذا للتاريخ والعلوم الجيوسياسية.. وقد جاء بنظرية معاكسة " للبيان الشيوعي"، ووضع مخططا أعلن فيه أن باستطاعة العرق الآري أن يسيطر علي أوربا ثم علي العالم أجمع بعد ذلك.. وقد تبني عدد من الزعماء الآريين الملحدين مخطط ريتر، فأسسوا النازية لتحقيق هدف السيطرة علي العالم وتحويله غلي دولة إلحادية تخضع لدكتاتوريتهم الشاملة.
ويتفق زعماء كلتا المجموعتين الإلحاديتين علي سلطة الدولة، وعلي اعتبار رئيس الدولة إلها علي الأرض، وهذا المعتقد يضع موضع التنفيذ فكرة تأليه الإنسان.
واكتملت القناعة لدي كارل ريتر بعد دراساته التاريخية بأن حفنة من كبار الماليين العالميين الذين لا يدينون بالولاء لأي بلد ولكنهم يتدخلون في قضايا جميع البلدان، أسوا عام 1773 ماسونية الشرق الأكبر الحرة، بغرض استخدام حركة الثورة العالمية لتحقيق مطامحهم السرية.. وقد أعلن ريتر أن معظم هؤلاء الماليين العالميين ـ إن لم يكن كلهم ـ من اليهود أو من أصل يهوديّ، بصرف النظر هما إذا كانوا يمارسون بالفعل طقوس الدين اليهودي.
وقد ناقش ريتر في رده علي البيان الشيوعي لكارل ماركس، الأخطار التي ستنجم لو أذن العالم لهذه الحفنة من الرجال بالاستمرار في السيطرة السياسية علي الشيوعية العالمية وتوجبيها حسب مخططاتهم.. وأنهي ذلك بأن قدم إلي سادة الحرب الآريين الألمان اقتراحات واقعية وعملية لمكافحة مؤامرة بارونات المال العالميين، راسما لهم مخططا مقابلا للمخطط الأول في اتساعه وبعد أمده، ويستهدف بدوره السيطرة علي موارد العالم الطبيعية لمصلحة العرق الآري.
وأشار ريتر بتأسيس النازية واستعمال الفاشية "أي الاشتراكية الوطنية" كوسيلة لتحقيق مطامعهم بتخريب مخططات بارونات المال العالميين وغزو العالم.. وأشار إلي قضية أخري، وهي أنّ بارونات المال العالميين ينوون استعمال السامية في كل الأوجه لتحقيق مخططاتهم، ولذا فعلي الزعماء الآريين أن يستعملوا اللا سامية من كل وجوهها لتمضي قدما بالقضية الآرية.
وتضمن مخطط كارل ريتر المقترحات التالية:
1. إخضاع جميع الأقطار الأوروبية لسيطرة ألمانيا.. وشدد ريتر علي أهمية إقناع الشعب الألماني بتفوقه الجسماني والعقلي علي الأجناس السامية.. وكانت هذه الفكرة هي النواة التي بني حولها رجال الإعلام الآري نظرية "العرق الألماني السيد".. وكانت هذه النظرية هي الوسيلة التي اتخذها هؤلاء لمجابهة دعايات الماليين العالميين، الذين كانوا يدعون أن الجنس السامي هو شعب الله المختار، وأنه هو الذي اختارته العناية الإلهية ليرث هذه الأرض.. وهكذا انقسم الملايين من البشر إلي معسكرين متجابهين.
2. وأوصي كارل ريتر باتباع سياسة مالية معينة ت منع أصحاب المصارف العالميين من السيطرة علي اقتصاديات ألمانيا (مثلما سيطر هؤلاء علي اقتصاديات إنكلترا وفرنسا وأميركا).
3. وأوصي ريتر بإنشاء طابور خامس نازي لمجابهة التنظيمات الشيوعية السرية، هدفه إقناع الطبقات العليا والوسطي في البلدان التي تنوي ألمانيا إخضاعها، بأن الفاشية هي الوسيلة الوحيدة المؤهلة لمجابهة الشيوعية، واستقبال الجيوش الألمانية علي أنها الحامية لتلك الأقطار من الخطر الشيوعي.
4. وأوصي ريتر بتدمير الشيوعية تدميرا كاملا، واستئصال شافة العرق اليهودي عن بكرة أبيه، لكي يتمكن الزعماء الآريون من التوصل للسيطرة الكاملة علي القضايا والأمور العالمية.
***
إن الصراع والتصميم للسيطرة علي العالم، يتيح لكل من زعماء الكتلتين الإلحاديتين أن يحيكوا أخبث المؤامرات، وأن يرتكبوا كل أنواع الجرائم من الاغتيال الفردي إلي الإبادة الجماعية.. وهم يثيرون الحروب لمجرد إنهاك الأمم التي ينوون إخضاعها.
وتدل الدراسة المقارنة للأديان، أن النازية والشيوعية لا تمكن مقارنتهما بأي شكل من الأشكال بأي من الأديان التي تنادي بالإيمان بالله العليّ القدير.. وقد يسمح الزعماء الملحدون في البلدان المخضعة بممارسة الأديان التي تقوم علي تعاليم الأيمان بالله لفترة من الوقت، ولكنهم لا يسمحون لرجال الدين بالعمل إلا علي هامش المجتمع.. ولذلك فهم يمنعون رجال الدين من ممارسة أي نفوذ أو توجيه للسلوك الاجتماعي أو السياسي لأبناء طوائفهم.. والهدف الأبعد لكل من العقيدتين الإلحاديتين، هو أن يمحوا من عقول البشر أية معرفة بوجود الله السامي أو بوجود الروح أو بالحياة الأخرى.. وهم يستخدمون لذلك ما أمكنهم من الوسائل، كالقتل وبرامج غسل الدماغ المستمرة والتي تنفذ بإحكام.. وإذا ما عرفنا هذه الحقائق أدركنا تماما أن أي كلام عن تعايش سلمي بين المؤمنين والملحدين إما أن يكون هراء مطلقا أو نوعا من الدعاية والإعلام.
***
إن ابسط وسيلة لفهم ما يجري في عالمنا الحاضر هو دراسة أحداث التاريخ علي ضوء ما ذكرناه أي علي اعتبار نقلات في لعبة الشطرنج العالمية.. ولقد قسم زعماء النورانيين العالم إلي معسكرين، واستعملوا الملكات والملوك والرهبان والفرسان، تماما كما يحدث في لعبة الشطرنج.. واستعملوا جماهير الناس بيادق في اللعبة.. وتدفعهم سياساتهم القاسية التي لا تعرف الرحمة إلي اعتبار الناس مجرد أحجار يمكن التصرف بها، فهم قد يضحون بقطعة كبيرة أو بمليون من البيادق إذا كان يقربهم ولو خطوة إلي هدفهم النهائي، السيطرة الطاغية للشيطان.
ونقل عن لسان البروفيسور ريتر، أن المرحلة الحاضرة من المؤامرة انطلقت من مصرف آمشيل مايروباور (الشهير بروتشيلد) والواقع في فرانكفورت بألمانيا، حيث اجتمع ثلاثة عشر من كبار تجار الذهب والفضة، وقرروا أزالة كل الرؤوس المتوجة في أوروبا، وتدمير كل الحكومات الموجودة، وإزالة كل الأديان المنظّمة، قبل أن يباشروا في تأمين سلطتهم المطلقة علي الثروات والموارد الطبيعية والبشرية في العالم بأسره، ومن ثَمّ يقيمون حكم الشيطان الطغياني.. وكان في مخططهم استعمال مبادئ مادية التاريخ والديالكتيكية للمضي في تنفيذ مشاريعهم.
وعندما يخامر أدني شك تلك القوي الخفية، أن أحد آلاتهم من الزعماء يعرف أكثر مما ينبغي، يأمرون بتصفيته فورا.. من أجل هذا دُبّرت حوادث الاغتيال الفردية والكثير من الثورات والحروب التي أزهقت عشرات الأرواح البشرية بالإضافة إلي الملايين من المشردين.. ومن العسير علي أي قائد عسكري أن يأتي بتبرير لحادث إلقاء القنبلة الذرية علي هيروشيما أو ناغازاكي، حيث قتل مئة ألف شخص في غمضة عين، وأصيب ما يقرب من ضعف هذا العديد بجراح خطيرة.. كانت القوات اليابانية قد هزمت، وكانت قضية التسليم مسألة ساعات أو أيام، ولم يكن هناك أي داع لتنفيذ مثل هذا العمل الجهنميّ.. والتعليل المنطقي الوحيد هو أن القوي الخفية قد قررت استعراض هذا السلاح الأحدث بين أسلحة الدمار، لتذكير ستالين بما يمكن أن يحدث إذا ما تمادي في مطالبه.. وهذا هو العذر الوحيد، وهو لا يشكل حتى مجرّد شبه تبرير لهذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبت ضد الإنسانية.
 ولكن القنبلة الذرية والقنبلة الهيدروجينية لم تعودا الآن أشد الأسلحة المدمرة فتكا.. إن غاز الأعصاب الذي شرعت الكتلتان الشيوعية والرأسمالية بتجميعه في المخازن قادر علي مسح كل المخلوقات الحية من علي وجه الأرض.. إن إفناء كل أثر للحياة البشرية في منطقة ما، أصبح الآن يخضع للمتطلبات العسكرية والاقتصادية التي تخدم أهدافهم.
وتستطيع القوات الغازية بعد أيام قليلة من استعمال الغاز، اجتياز المناطق الملوثة دون ما خطر، وستكون هذه المناطق آنئذ مناطق أموات، بيد أن الأبنية والآلات تبقي سليمة دون مساس.
***
كتب أدمون بورك ذات مرة: "كل ما تحتاج إليه قوي الشر لتنتصر هو أن يمكث أنصار الخير بدون عمل ما".. وإنها لحقيقة كبيرة تلك التي كتبها بورك.
إن دراسة الأديان المقارنة، بالعلاقة مع الظروف التي نخبرها اليوم، تسلم الدارس غير المتحيز إلي الاستنتاج الذي يقول أن هؤلاء الذين يؤمنون بالله والحياة الأخرى ينعمون بعقيدة قائمة علي الحب والأمل، أما الإلحاد فيقوم علي الحقد واليأس الأسود.. ولم يحدث في التاريخ أن شهد العالم محاولة لإدخال العلمانية إلى حياتنا كما حدث سنة 1846، حينما أصر هوليوك وبراد لو وأمثالهما علي رأيهم القائل إن اهتمامات الإنسان يجب أن تقتصر علي مصالحة الحياتية الحاضرة.
ودعاة العلمانية هؤلاء هم السابقون لهذا القطيع من الرسل المزيفين وأشباه المسيح من مثل كارل ماركس وكارل ريتر ولينين وستالين وهلتر وموسوليني.. لقد خدع هؤلاء الملايين من البشر بالإمارات والعجائب التي صنعوها، كما خدعوا العديد من المسيحيين المؤمنين الذين كان عليهم أن يكونوا أكثر فهما وإدراكا.






















اليهود

أصل اليهود:
نحن نطلق اليوم اسم اليهودي بشكل عام علي كل شخص اعتنق يوما الدين اليهودي.. والواقع هو أن الكثيرين من هؤلاء ليسوا ساميين من حيث الأصل العرقي، ذلك أن عددا ضخما منهم منحدرون من سلالات الهيروديين أو الأيدوميين ذوي الدم التركي المنغولي.
شرعت الأعراق غير الساميّة والتركية والفنلندية في القدوم إلي أوربا، قادمة من آسيا منذ القرن الأول الميلادي، عبر الممر الأرضي الواقع شمالي بحر قزوين.. ويطلق علي هذه الشعوب الوثنية اسم "الخرز".. وقد استقروا في أقصي الشرق من أوروبا، حيث شكلوا مملكة الخرز القوية، ثم بسطوا سلطانهم شيئا فشينا بواسطة الغزوات المتكررة، حتى سيطروا في نهاية القرن الثاني علي معظم المناطق الواقعة في أوروبا الشرقية غربي جبال الأورال وشمالي البحر الأسود.
وقد اعتنق الخرز اليهودية آنئذ، مفضلين إياها علي المسيحية أو الإسلام، وبنوا الكنائس والمدارس لتعليم الدين اليهودي في سائر أنحاء مملكتهم.. وكان الخرز إبان ذروة قوتهم يجبون الجزية من خمسة وعشرين شعبا قهروهم.
وقد عاشت دولة الخرز ما يقارب الخمسمئة عام، حتى سقطت في نهاية القرن الثالث عشر في أيدي الروس الذين هاجموهم من الشمال.
وقد انتقلت الروح الثورية من الخرز اليهود إلي الإمبراطورية الروسية، واستمرت حتى ثورة تشرين الأول الحمراء سنة 1917.
إن غزو الخرز في القرن الثالث عشر يبيّن لنا أن الكثير من الناس الذين نطلق عليهم اسم اليهود قد بقوا في الواقع داخل الإمبراطورية الروسية.
والحقيقة الأخرى هي أن الفنلنديين والمجموعات الأخرى التي تصنف تحت الجنس الروسي، لم تكن من أصل آري.. وقد اعتبرها الشعب الألماني أعداء وعاملها علي هذا الأساس.

المرابون:
سيرة حياه المسيح ترينا أنه أحب كل الناس ماعدا مجموعة واحدة خاصة.. لقد كره المرابين بعنف يبدو صدوره غربيا من رجل له مثل وداعه المسيح.. وهاجمهم بقوة مرات متكررة لأكلهم الربا، وفضحهم ووسمهم بعبادة المال، وقال عنهم: إنهم من كنيس الشيطان.. وجاء التعبير القويّ عن كره المسيح لصرافي النقود، عندما أخذ السوط وطردهم خارج الهيكل، مقرعا إياهم بهذه الكلمات: "كان هذا الهيكل بيتا للرب.. ولكنكم حولتموه إلي مغارة للصوص".. وبقيام المسيح بهذا العمل الانتقاميّ ضد صرافي النقود، كان يوقع وثيقة موته بنفسه.
ويرينا التاريخ أن صرافي النقود العالميين أخذوا يستعملون الغوغاء في مخططاتهم السرية.. إن النورانيون يوجهون كل القوي الشريرة في العالم.
يثبت التاريخ أن سينيكا الفيلسوف والمصلح الروماني (4 ق.م ـ 65 م) قد مات لأنه حاول ـ كما فعل المسيح من قبله ـ فضح العمليات الفاسدة والنفوذ الشرير اللذين يمارسهما المرابون الذين تسربوا إلي روما.. وكان سينيكا مربي نيترون ومعلمه الخاص، وعندما أصبح هذا إمبراطورا لبث الفيلسوف مستشاره وصديقة المخلص.. ولكن نيترون ما لبث أن تزوج من يوبايا التي أوقعته في حبائل المرابين الأشرار.. وهكذا أصبح نيترون واحدا من أسوأ حكام التاريخ سمعة، وانحدرت شخصيته إلي الدرك الأسفل من السفالة واللؤم، حتى إنه ما كان يعيش إلا لتحطيم كل شيء صالح، وأخذت أعماله الانتقامية تأخذ شكل العدوان العلني.. وهكذا فقد سينيكا كل تأثير كان له علي نيترون ولكنه لم يتوقف أبدا عن التقريع العلني للمرابين بسبب نفوذهم الشرير وممارستهم الفاسدة.
وفي النهاية طالب المرابون نيترون أن يتخذ الإجراء الذي يسكت سنيكا الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة.. وهكذا أمر نيترون سنيكا أن ينهي حياته بنفسه!
كانت تلك أول حاله شهيرة أجبر فيها المرابون شخصية شرعت في إثارة المتاعب بوجههم، علي الانتحار، ولكنها لم تكن الحالة الأخيرة إذ تجد عبر التاريخ عددا من قصص الانتحار المماثلة وجرائم القتل التي أضفي عليها طابع الحوادث أو الانتحار.
إن قضية جيمس فورستال هي واحدة من أسوء الأمثلة علي ذلك في السنوات الأخيرة.. في عام 1945 كان اقتناع فورستال يتجه إلي أن أصحاب المصارف الأميركيين يشكلون خفية جماعة واحدة، مع أصحاب المصارف العالميين الذين يسيطرون علي ماليات فرنسا وإنكلترا وسائر الدول.. واقتنع، كما تقول مذكراته، أن بارونات المال العالميين كانوا هم المسئولين المباشرين عن اندلاع نيران الحربين العالميتين الأولي والثانية.. ولقد حاول إقناع الرئيس روزفلت وسائر رسميي الحكومة علي أعلي المستويات بهذه الحقيقة.. ولا نعلم بعد ذلك ما إذا كان قد فشل في ذلك وانتحر نتيجة ليأسه، أم أنه قد اغتيل لإطباق فمه إلي الأبد.. وقد أصبحت عمليات القتل التي يُضفي عليها طابع الانتحار وسيلة سياسية مقبولة في المؤامرات العالمية عبر القرون.

الاحتكارات اليهودية في التاريخ:
أصدر الإمبراطور الروماني يوستنيافوس الأول (483 – 565 م) قانونه المعروف باسم "القوانين المدنية"، والذي حاول فيه وضع حد للأعمال غير المشروعة التي كان التجار اليهود يلجأون إليها في التجارة والمبادلات.. ولكن التجار اليهود لم يكونوا سوي عملاء للنورانيين، وقد تمكنوا بواسطة التجارة غير المشروعة وعمليات التهريب واسعة النطاق الحصول علي امتيازات مجحفة علي غيرهم من اتجار، وهكذا تمكنوا من إفلاسهم وإخراجهم من ساحة العمل.. وقد بقي قانون يوستنيانوس حتى القرن العاشر المصدر الحقوقي الأساسي، ولا يزال يعتبر حتى يومنا هذا من أهم المراجع في الحقوق والأحكام.. ولكن المرابين استطاعوا بدهائهم أن يقلبوا الخير الذي كان يوستنيانوس في سبيل القيام به.. وتصف موسوعة فنك أند واغناز Funk and Wagnalls اليهودية وضع التجار اليهود في تلك الأيام كما يلي: "لقد تمتع اليهود آنئذ بكامل حريتهم الدينية، حتى إن بعض المراكز الصغرى في الدولة كانت مفتوحة لهم.. وكانت تجارة العبيد تشكل المصدر الأول لثروة بعض اليهود الرومانيين، ولكن قوانين عديدة صدرت لمحاربة هذه التجارة في السنوات 335 و336 و384 م".
ويكشف لنا التاريخ أن التجار اليهود وصرافي النقود لم يقتصروا في أعمالهم غير المشروعة علي تجارة العبيد، بل كانوا ينظمون ويحتكرون التجارات الفاسدة، من مخدرات ودعارة وتهريب المسكرات والعطور والجواهر والبضائع الثمينة الأخرى.. وتأمينا لمصالحهم وحماية لعملياتهم غير المشروعة، كانوا يلجأون إلي الرشوة وشراء ذمم المسؤولين الكبار.. وهكذا استطاعوا بواسطة المخدرات والمسكرات والنساء تقويض أخلاق الشعب.. ويسجل التاريخ أن يوستنيانوس، وهو إمبراطور روما القوي، لم يكن بالقوة الكافية لوضع حد لتلك النشاطات.
وقد بحث المؤرخ البريطاني إدوارد جيبون (1737 – 1794) في التأثيرات المفسدة للتجار والمرابين اليهود، ووصفهم بأنه كانت لهم يد طولي في "انحطاط وسقوط الإمبراطورية الرومانية".. وكان هذا هو عنوان كتابه.. وتحدث جيبون بإسهاب عن الدور الذي لعبته بوبابا زوجة نيترون، في التمهيد لتلك الظروف التي جعلت الشعب الروماني ينظر كالمخمور بدون مبالاة إلي انهياره السريع وتحطمه.. وبسقوط الإمبراطورية الرومانية تأسست السيطرة اليهودية، ودخلت أوروبا ما يدعوه المؤرخون "بالعصور المظلمة".
وتقول الموسوعة البريطانية حول هذا الموضوع ما يلي: "كان لدي التجار والمرابين اليهود ميل شديد للتخصص بالتجارة، وكان مما ساعدهم علي الامتياز في ذلك الحقل، مهارتهم وانتشارهم في كل مكان.. وكان معظم تجارة أوروبا في العصور المظلمة في أيديهم، وخاصة تجارة الرقيق".
ونستطيع أن نلمس آثار تلك السيطرة اليهودية المطلقة، حين نري مثلا قطع عمله قديمة بولونية وهنغارية تحمل نقوشا يهودية.. ويكشف لنا إلحاح اليهود بهذه الصورة للسيطرة علي النقد وجعل إصدار العملة في أيديهم، أن المرابين اليهود اعتنقوا منذ تلك الأزمنة الشعار الذي اشتهر به بعد ذلك (آمشل ماير باورر (1743 – 1812 م) وهو: "دعنا نتول إصدار النقد في أمة من الأمم والأشراف عليه، ولا يهمنا بعد ذلك من الذي يسنّ القوانين لهذه الأمة"!!
وقد طرح آمشل ماير باورر هذا الشعار علي شركائه، ليشرح لهم جوهر الدافع الذي حدا بالمرابين اليهود السعي للحصول علي السيطرة علي مصرف إنكلترا عام 1694.

الحروب الصليبية:
صمم البارونات ـ وهم الذين كانوا رؤوس الآرية ـ علي كسر الاحتكار اليهودي في التجارة و العملة والمبادلات في أوروبا.. وكان هذا هو الدافع الحقيقي لقيامهم عام 1095 بالحصول علي بركة بعض الزعماء المسيحيين لشن الحروب الصليبية أو الحروب المقدسة.
وبين عامي1095 و 1271 نظّمت ثماني حملات صليبية، الهدف الظاهر لها هو حماية الحجاج المسيحيين إلي مهد المسيح، وإقامة الحكم المسيحي في فلسطين.. أما حقيقة الواقع فهي أنها كانت حروبا لتقسيم سكان أوروبا إلي معسكرين متناحرين: الأول مع اليهود والثاني ضدهم.
عام 1215 عقدت الكنيسة الكاثوليكية المؤتمر المسكوني الرابع، وكان الموضوع الأساسيّ قيد الدرس هو التعديات اليهودية في سائر الأقطار الأوروبية.. خلال هذه الحقبة من التاريخ كان زعماء الكنيسة وزعماء الدول يعملون متحدين.. ولقد عبر زعماء الكنيسة عن رضاهم التام لجانب استمرار الحملات الصليبية.. وأصدروا كذلك المراسيم والقرارات للحد من الربا الفاحش الذي كان اليهود يمارسونه.. وللتوصل إلي ذلك أصدرت مراسيم تقضي بتحديد إقامة اليهود في المستقبل بأحيائهم الخاصة، كما منعوا إطلاقا من استخدام المسيحيين لديهم كأجراء أو توكيلهم في معاملاتهم، وذلك لمنع المرابين والتجار اليهود من اتخاذ المسيحيين واجهات لهم في أعمالهم، فقد كانوا يعقدون الصفقات المشبوهة بواسطة بعض العملاء المسيحيين، الذين كانوا يتحملون الوزر والعقوبة حين افتضاح الأمور.. كما حظرت القوانين علي اليهود استخدام المسيحيات في منازلهم أو مؤسساتهم، فقد كانوا يغوون تلك الفتيات ويحولونهن إلي عاهرات، يستعملونهن في الحصول علي المال والنفوذ.. ومنعت قوانين أخرى بعد ذلك اليهود من ممارسة بعض العمليات التجارية.. ولكن الكنيسة بكل سلطانها، مدعومة بزعماء الدول، لم تستطيع أن تخضع سادة المال للقوانين.. وساهمت تلك القوانين في إذكاء نار حقد النورانيين علي كنيسة المسيح، وشرعوا في التخطيط لإضعاف الكنيسة وفصلها عن الدولة.. وللوصول إلي هذا الهدف، أخذ النورانيون يبثّون بين العامة فكرة العلمانية واللا دينية.

ملاحقة اليهود في أوروبا:
عام 1253 عمدت الحكومة الفرنسية إلي حل جذريّ لمشكلة اليهود، فطرتهم جميعا لمخالفتهم القوانين، فاتجه قسم كبير من المطرودين إلي إنكلترا التي ألجأتهم.. وحتى عام 1255 كان اليهود قد تمكنوا من السيطرة علي عدد من كبار الرجال السلك الكنسي الإنكليزيّ، وعلي الكثير من النبلاء والسادة الإقطاعيين.. وكان هؤلاء المرابون ومن يسمونهم حكماء اليهود ينتمون إلي النورانيين.. وقد تم اكتشاف ذلك خلال التحقيق الذي أمر الملك هنري الثالث بإجرائه، في فضائح الاحتيال والرشوة والجرائم التي فاحت روائحها، بعد مقتل سان هيوأوف لينكولن عام 1255.. وقد أثبتت التحقيق أن ثمانية عشر يهوديا كانوا هم الذين ينظمون تلك العمليات فقدموا إلي المحاكمة، وحكم عليهم بالإعدام.
مات الملك هنري عام 1272، وخلفه علي عرش إنكلترا الملك إدوار الأول، الذي أصدر أمرا حرم بموجبة علي اليهود ممارسة الربا.. ثم استصدر من البرلمان عام 1275 قوانين خاصة سميت "الأنظمة الخاصة باليهود".. وكان الهدف منها تقليص سيطرة المرابين اليهود علي كافة مدينيهم، ليس فقط من المسيحيين بل حتى من الفقراء اليهود أنفسهم.. ولا يمكن وصمم هذه الأنظمة بأنها معادية للسامية لأنها حمت فيمن حمت اليهود المتقيدين بالقوانين.
وقد ظن المرابون اليهود أنهم في هذه المرة أيضا، سيتمكنون من تحدي أوامر الملك.. وكان خطؤهم كبيرا، إذ أن الملك عمد إلي إصدار قانون بطرد جميع اليهود من إنكلترا.. وكان ذلك بدء المرحلة التي يسميها المؤرخون "الإجلاء الأكبر".
بعد أن خطا الملك إدوار الخطوة الأولى، سارع ملوك ورؤساء أوروبا إلي الإقتداء به.
عام 1306 طردت فرنسا اليهود، وتبعتها سكسونيا عام 1348، وهنغاريا عام 1360، وبلجيكا عام 1370، وسلوفاكيا عام 1380، والنمسا عام 1430، والأراضي المنخفضة (هولندا) عام 1444، وأخيرا أسبانيا عام 1492.
ويتخذ طرد اليهود من أسبانيا أهمية خاصة.. ففي القرن الرابع عشر تمكن المرابون اليهود للمرة الأولي من جعل الحكومة الإسبانية تمنحهم حقّ جباية الضرائب من الشعب مباشرة، كضمان للقروض التي كانوا يقدّمونها للحكومة.. واستغل المرابون اليهود هذا الوضع أبشع استغلال، وأبدوا من القسوة والوحشية في طلب "أقّة اللحم" من الأهالي ما ملأ أفئدتهم بالحقد والغضب، بحيث أضحت شرارة واحدة كافية لتفجير النقمة.. فكانت هذه الشرارة في الخطابات اللاهية التي ألقاها فرناندو مارتسنسز، والتي هبّ علي أثرها الشعب لارتكاب واحدة من أكثر المجازر المعروفة دموية.. وهذا أحد الأمثلة التي دفع فيها اليهود الأبرياء جزاء سياسة زعمائهم المجرمة بحق الإنسانية.
وقد طرد اليهود من ليتوانيا عام 1495، ومن البرتغال عام 1498، ومن إيطاليا عام 1540، ومن بافاريا عام 1551.
وتجدر الإشارة هنا إلي أنه خلال هذه الإجراءات، كان بعض المتمولين والمتقنفذين من اليهود، يتدبرون أمر الحصول علي ملاجئ وسكن لهم في بوردو وأفينيون، وبعض الممتلكات البابوية، وفي مرسيليا وشمالي الألزاس وقسم من إيطاليا الشمالية.. وكان الأمر كما تقول الموسوعة البريطانية: "ووجدت جماهير اليهود نفسها تصب ثانية في طريق الشرق، وعلي الأخص في الإمبراطوريتين البولونية والتركية.. أما الجاليات الضئيلة التي فضّلت معاناة البقاء في الغرب، فقد كانت خاضعة لكافة القيود التي كانت مفروضة عليها في المرحلة السابقة".
وهكذا يمكن القول بأن العصور المظلمة لدي اليهود بدأت مع بشائر عصر النهضة في أوروبا.. وهذه الحقيقة تدعم صحة النظرية التي يقول بها بعض المؤرخين والتي فحواها أن أمم أوروبا لم تستطيع البدء بعصر النهضة والازدهار، إلا بعد أن تمكنت من تحرير نفسها من براثن السيطرة الاقتصادية اليهودية.
حُصرت الجاليات اليهودية في أوروبا بعد حركات التهجير الكبرى، داخل أحيائها التي سميت بالجيتو، والتي يسميها اليهود الكاحل، حيث فرض علي اليهود أن يعيشوا معزولين عن جماهير الشعوب، يحكمهم حاخاماتهم أو حكماؤهم، الذين كانوا بدورهم خاضعين لتوجيهات النورانيين وكبار المرابين اليهود، الذين لبثوا في مراكزهم التي تمكنوا من الحصول عليها في بعض المدن الأوروبية.. وكان عملاء النورانيين منبثين في أحياء الجيتو، ينفثون سموم الحقد والكراهية وروح الانتقام في قلوب الجماهير اليهودية، من أولئك الذين هجروهم وعزلوهم.. كما كان الحاخامين بدورهم يلقنوهم أنهم "شعب الله المختار"، وأن يوم الانتقام آت دون ريب، وسيرثون الأرض ومن عليها.
وتجدر هنا الإشارة إلي أن معظم اليهود الذين انتقلوا إلي أوروبا الشرقية، فرض عليهم بدورهم العيش في "مناطق الإقامة" التي سمح لهم بها، والواقعة بصورة عامة علي الحدود الغربية لروسيا، من سواحل البحر البلطيقي في الشمال حتى سواحل البحر الأسود في الجنوب.. وكان معظمهم من اليهود الخرز في الأصل.. ويشتهر الخرز من اليهود بثقافتهم المعروفة بـ "اليديش" (وهو اسم لغتهم التي يتكاملون بها)،  كما يعرفون بخبثهم وبخلهم الشديد، وأساليبهم المنحطة في الأمور المالية، وأخلاقهم الدنيئة.. ويجب أن نميز هنا بينهم وبين العبرانيين القدماء الذين ذكرتهم التوراة، فهؤلاء كانوا من الرعاة المهذبين في الغالب.
كان عملاء النورانيين داخل أحياء الجيتو يذكون نار الحقد ورغبة الانتقام.. وأخذوا بتنظيم واستغلال هذه الظروف، حتى تحولت إلي حركة ثورية عالمية، هدفها الرعب والتخريب.

نشوء السوق السوداء في أوروبا
طور سادة المال هذه الحركة الثورية، حتى حولوها إلي الشيوعية العالمية التي نعرفها اليوم.. كانوا ينظمون أعمال العنف الفردية حتى أصبحت حركة ثورية منظمة ووضعوا فيما بعد خطة منظمة لعودة اليهود للبلاد التي طردوا منها عن طريق التسلل، حيث إنهم كانوا ممنوعين قانونيا من الرجوع إلي تلك البلاد.. وحيث إنهم كانوا ممنوعين من الإقامة والحصول علي وظيفة، فقد زودوا بمبالغ وأرصدة لإنشاء نظام السوق السوداء، ومارسوا في هذه الأسواق كل أنواع التجارات والمبادلات المحرمة.. وكانوا يعملون حسب منهج الشركة الاحتكارية الخفية، مما أتاح لبارونات المال الذين يمولون هذه الشبكات أن يبقوا في الخفاء.
وقد اتجهت شكوك عدد من المؤلفين والمؤرخين ـ أمثال الكونت دي بونسين والسيدة نيستا وبستر والسير والترسكوت ـ إلى أن النورانيين كانوا هم القوة الخفية وراء حركة الثورة العالمية.. يقول الكاتبان وليم فوس وسيسيل غيراهتي في كتابهما "الحلبة الإسبانية": "إن مسألة معرفة من هم الزعماء الحقيقيون للشركة الاحتكارية الخفية التي تسيطر علي العالم وكيف يصل هؤلاء إلي أهدافهم، هي مسألة خارج مجال هذا الكتاب.. ولكنها ستبقي واحدة من أهم المسائل التي يجب أن تحل.. والذي سيتمكن من كشف هذا اللغز يوما ونشره علي الناس، سيكون رجلا من الشجاعة في القمة، وسيعتبر أن حياته لا قيمة لها إذا ما قيست بالواجب الذي ينتظره، وهو تنبيه العالم ألي ما تبنته جماعة الشيطان الذين نصبوا أنفسهم كهنة لدين خفي يريدون فرضه علي العالم".
إننا نستطيع الحكم علي نجاح مخطط تسلل اليهود إلي البلاد التي طردوا منها، بدراستنا للوقائع التالية: فقد عاد اليهود إلي إنكلترا عام 1600م، وإلى هنغافوريا سنة 1500 ولكنهم طردوا منها ثانية عام 1582.. وعادوا إلى سلوفاكيا سنة 1562 ليطردوا منها عام 1744.. وعادوا إلي ليتوانيا عام 1700.. وبصرف النظر عن عدد المرات التي طردوا فيها، فإنهم في كل مرة كانوا يتركون وراءهم الشبكات الخفية التي كانت تدير وتخطط النشاطات الثورية والاضطرابات للقوي الخفية.
Share

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارشيف المدونة

لـتصفح أنيـق